الإثنين , 07 أكتوبر 2024 - 4 ربيع الثاني 1446 هـ 8:16 مساءً
يراعي عديد من الكتّاب استعمال الألوان في مؤلّفاتهم ليصبغوها بصبغة لطيفة من الحكمة. فلنقرأ معًا ونتعرف على رمزية الألوان في الأدب ونطلّع على أمثلة من الروايات البارزة.
ما هي الرمزية؟
الرمزية هي أداة أدبية تعني استعمال العناصر الرمزية للدلالة على معنى أعمق من المعنى الحقيقي للشيء. والعناصر الرمزية هي كلمات أو أناس أو حيوانات أو علامات أو مواقع أو أفكار مجرّدة. ويكثر استعمال الرمزية الأدبية في الحكايات للتعبير عن الفكرة الأساسية للقصة وإيصالها إلى الجمهور الناشئ؛ فمثًلا، استعمل الأخوان غريم (The Brothers Grimm) الغابة في أعمالهم لترمز إلى الغموض والخطر كليهما.
واستعمل الفنّانون الرمزية في لوحاتهم وأعمالهم الأدبية والسينمائية للتلميح إلى فكرة أو الإنذار بحدث أو المساهمة في خلق جوّ مقصود أو جذب انتباه القرّاء.
ما هي رمزية الألوان؟
تشمل رمزية الألوان في الأدب استعمال الألوان للدلالة على معنى أعمق من المعنى الظاهر. ويوظّف الكتّاب ألوانًا عديدة لجذب انتباه القارئ إلى شيء رمزي أو التعبير عن شيء في الشخصية أو إبراز فكرة. ويستعين بعض الكتّاب بمجموعة من الألوان- لا لون واحد- في أعمالهم لإضفاء جوّ معيّن على العمل أو التركيز على موضوع أو فكرة.
فألوان الباستيل- مثلًا- تدلّ على الخيالات والأحلام، في حين ترمز الألوان الداكنة إلى الغموض والتشاؤم. وترسخ في ذهن المجتمع وعديد من الثقافات المختلفة ارتباط ألوان محدّدة بمجموعة محدودة من المعاني، ما يجعل رمزية الألوان أداة دلالة نافعة.
ما الذي ترمز إليه الألوان في الأدب؟
كثيرًا ما يقصد الكتّاب إلى استعمال الألوان في أعمالهم الأدبية، لذا سنبيّن هنا الدلالات والمعاني الشائعة للألوان في الأدب، فتابع القراءة إن كنت تريد معرفة معنى لونك المفضّل أو إضفاء مغزى دقيق على عملك الأدبي، ولا يغب عن بالك أنّ معنى اللون قد يختلف باختلاف الثقافات.
الأسود: يدلّ اللون الأسود على الموت والشر والأسى والكآبة، لا سيّما في الأدب القوطي الشرقي.
الأزرق: للأزرق دلالتان في علم النفس؛ تفاؤلية وتشاؤمية. فيستعمل بعض الكتّاب الأزرق لوصف مشهد يبعث الهدوء في النّفس، فهو يدلّ على الهدوء والسكينة. في حين أنه قد يرمز إلى الحزن أو الغمّ أو الانعزال.
البنّي: يرمز هذا اللون الدافئ الترابي إلى الثقة والراحة، ويعطي إحساسًا بالثبات، وهو أيضًا من الألوان الحيادية، ويستعمله الكتّاب بمعنى الركود والرتابة.
الأخضر: يرمز الأخضر عادةً إلى النهضة والنمو والسلام والغيرة والجشع، وقد يمثّل أيضًا الربيع والتجديد.
البرتقالي: يمثّل اللون البرتقالي النشاط والحماسة والبهجة والإبداع، وقد يرمز إلى الحرارة لأنه من ألوان النار.
الوردي: يرمز اللون الوردي إلى الحب والطيبة والأنوثة والبراءة والمرح.
الأرجواني: يرتبط اللون الأرجواني عادة بالفخامة، ويرمز إلى الشجاعة والروحانيّة والترف.
الأحمر: يرمز الأحمر إلى بعض من أقوى المشاعر الإنسانية مثل العشق أو الشهوة، وهو لون الدم أيضًا، لذا قد يدلّ على معان مناقضة للأولى، فيكون من معانيه الغضب والخطر والعنف.
الأبيض: يرمز هذا اللون الأساسي إلى البراءة والسلام والطهارة، ويمثّل في الثقافات الشرقية النقاء والعذرية، في حين أنّه يرمز إلى الحداد في بعض ثقافات دول شرق آسيا.
الأصفر: يستعمل الكتّاب اللون الأصفر للدلالة على الإبداع والسعادة والتفاؤل والدفء، فهو لون أشعة الشمس المتسلّلة من بين السحب السوداء. وقد يحمل هذا اللون معنى سلبيًا شائعًا، وهو الجُبن- أو الخوف- فيجري على بعض الألسن مثلًا قول: اصفرّ وجهه من الخوف.
ثلاثة أمثلة على استعمال رمزية الألوان في الأدب:
فيما يلي ثلاثة أمثلة بارزة على روايات مشهورة استعملتْ فيها رمزية الألوان:
- غاتسبي العظيم للمؤلف فرانسس سكات فيتزجيرالد: يبرز توظيف رمزية الألوان في رواية فيتزجيرالد الكلاسيكية التي تقع أحداثها في عصر الجاز. وأوضح الرموز في الرواية هو الضوء الأخضر على رصيف إست إيغ حيث تسكن ديزي الذي يراه غاتسبي من ملكيّاته في إست إيغ. خصّ فيتزجيرالد اللون الأخضر لون الغيرة والجشع ليرمز إلى هوس غاتسبي بالثراء وتوقه إلى امرأة متزوجة.
- الحرف القرمزي للمؤلف ناثنيال هاوثورن: عوقبت بطلة الرواية هِستر براين على زناها بلبس قطعة قماشية على شكل حرف A لتسِمها بالزنى. لون قماش الحرف قرمزي؛ أي، شديد الحمرة، وهو يرمز إلى الشهوة والخطيئة التي أوقعت هِستر في مصيبتها، كما يرمز إلى الغيظ والخيبة اللذين شعرت بهما بسبب فضيحتها بين الناس.
- بياض الثلج للأخوين غريم: في حكاية بياض الثلج للأخوين غريم، تصنع الملكة الشريرة تفاحة مسمومة لتخدع بياض الثلج؛ نصف التفاحة أبيض غير سامّ، والنصف الآخر أحمر سامّ. تفترض بياض الثلج أنّ أكل التفاحة لن يضرها بعد أن رأت الملكة تأكل النصف الأبيض غير السامّ، فتتناول قضمة مميتة من الجزء الأحمر المسموم. يمثّل الأحمر في هذا المثال الشر ورغبة الملكة في سفك الدماء، ويرمز النصف الأبيض من التفاحة إلى بياض الثلج نفسها، وهو ما يمثّل النقاء والخير.